للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}: خارجون عن طاعة اللَّه تعالى.

وقوله تعالى في أوَّل الآية: {لِلَّذِينَ آمَنُوا} ليس للإيمان المطلَقِ الصَّحيح، بل إيمانهم بكتابهم ونبيِّهم لا غير، وعلى هذا ما ذَكَرَ في آخر السُّورة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} [الحديد: ٢٨].

وهو معنى قول الكلبيِّ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} في العلانية {أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (١).

ولها وجوهٌ ذكرَها المفسرون:

قال مقاتلٌ: كان المنافقون لا تَرِقُّ قلوبُهم لذكرِ اللَّهِ والقرآن، فقسَتْ قلوبُهم فلم تَلِنْ (٢)، إلَّا قليلٌ منها أخلصوا بعدَ نفاقِهم (٣).

وقال ابنُ مسعودٍ رضي اللَّه تعالى عنه: مَلَّ أصحابُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَلَّةً، فقالوا: يا رسولَ اللَّه، لو قصصْتَ علينا قصَّةً، فأنزل اللَّه تعالى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: ٣]، فقالوا: يا رسول اللَّه، لو ذكَّرْتَنا ووعظْتَنا، فأنزل اللَّه تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} الآية (٤).


(١) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤٧٧).
(٢) في (ر) و (ف): "يكن".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٢٤١).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٤٠).
ورواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٨)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٢٤٨) عن عون بن عبد اللَّه، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٣٨) عن القاسم.
رواه البزار في "مسنده" (١١٥٣)، وأبو يعلى في "مسنده" (٧٤٠)، وابن حبان في "صحيحه" (٦٢٠٩)، والضياء في "المختارة" (١٠٦٩)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه. وحسنه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (٣٦٣٤).