للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ}: قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر بتخفيفِ الصَّاد، وهو من التَّصديق، وقرأ الباقون بتشديد الصَّاد، وهو من التَّصدُّق بإدغام التَّاء في الصَّاد (١).

قوله تعالى: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}: عطَفَ الفعلَ على الاسمِ لأنَّ تقديرَه: إنَّ الَّذين تَصَدَّقوا -أو: صَدَّقوا- اللَّهَ ورسولَه، وأقرضوا اللَّه قرضًا حسنًا.

وعلى قراءة التَّشديد الصَّدقة على الفرائض، والإقراض على النَّوافل.

وقيل: القرضُ في كلِّ فعلٍ حسنٍ؛ قال الشَّاعرُ:

وإذا جوزيْتَ قرضًا فاجْزِه... إنَّما يَجْزِي الفتى ليسَ الجمل (٢)

{يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}: فسَّرناه في هذه السُّورة.

* * *

(١٩) - {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}: إنْ جُعِلَ هذا في أهل الكتاب كما مرَّ في الآية الأولى فمعناه: أولئك المبالِغون في الصِّدْقِ صدَّقوا بالكتاب الأوَّل والرَّسول الأوَّل، وبهذا الكتاب وبهذا


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٢٦)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٨). قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص: ٧٠١): وحجة من خفَّف هي أنَ التَّخفيف في قوله: {المصَدِّقين} أعم من التشديد، ألا ترى أن {الْمُصَّدِّقِينَ} بالتشديد مقصورةٌ على الصدقة، و {المصَدِّقين} بالتَّخفيف يعم التَّصديق والصَّدقة؛ لأن الصَّدقة من الإيمان، فهو أوجب في باب المدح.
(٢) البيت للبيد بن ربيعة. انظر: "ديوانه" (ص: ٩١).