قيل: إنَّ أهل الكتاب كانوا يفضِّلون أنفسَهم على سائر أهل الأديان بسبب الكتاب، فأعلم اللَّه هؤلاء الذين خاطبهم بقوله:{اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ}: إنَّكم إذا آمنتم بمحمَّد آتاكم اللَّه في الآخرة ضعفَ ما يؤتي المؤمنين بموسى وعيسى إذا ماتوا قبل تبديل ذلك الدِّين الحقِّ بالنَّصرانيَّة واليهوديَّة، ولم يدركوا محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- فيؤمنون به، ليعلم أهل الكتاب أنَّ مَن اجتمع له الإيمان بالكتابين أفضلُ عند اللَّه ممَّن انفرد بالإيمان بكتابٍ واحدٍ.
ويكون تقديرُه: يؤتِكُم كفلَيْنِ مِن رحمتِه ليعلمَ أهلُ الكتابِ أنَّه لا قدرةَ لهم على شيءٍ من فضلِ اللَّهِ تعالى حتَّى يخصُّوا أنفسَهم بذلك، ويفضِّلُوا أنفسَهم على غيرهم.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: لَمَّا نزل في النَّصارى الذين أسلموا: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}، شقَّ ذلك على المسلمين، وقالوا: يا رسول اللَّه، إن كان القوم أدركوا الكتاب الأوَّلى والكتاب الَاخِر، ولم ندركه، أفلهم أجران، ولنا أجر واحد؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (١).
يقول: إنَّ الأجرين لهم لا لأنَّهم أفضُل منكم، ولكن فضل منِّي، وأوتي فضلي مَن أشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.