للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعنى الآية عند بعضهم: أنَّ اليهود كانوا ينقضون ما أعجبهم من أبنية دورِهم، وخشبِها من الأبواب والعُمُد ونحوها ليحملوه معهم، فكان هذا تخريبًا منهم بأيديهم، وكان المؤمنون يخربون الأوَّل فالأوَّل، ليتمكَّنوا من مواضع الحرب، هو معنى قول الزُّهري وابن إسحاق والواقدي وابن زيد (١).

وقال عكرمة: كانت بيوتهم مزخرفةً، فحسدوا أن يسكنها المسلمون، فجعلوا يخربونها من داخل، والمؤمنون من خارج (٢).

قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}: أي: تأمَّلوا يا أولي البصائر ما نزلَ بهؤلاء، والسَّببَ الذي استحقُّوأ به ذلك، فاحذروا أن تفعلوا مثلَ فعلهم فتُعاقبوا بمثل عقوبتهم.

* * *

(٣ - ٤) - {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (٣) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ}: ولولا أنْ قضى اللَّه وكتبَ في أمِّ الكتاب وأَخبر أنَّه سيُجليهم عن ديارهم لِمَا علمَ أنَّ منهم مَن يؤمنُ أو يلدُ مؤمنًا {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} بأن يأمرَكم بقتلهم وأسرهم واسترقاقهم.

{وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} الذي هو لا أشدَّ منه، فليس تأخير العذاب عنهم للعجز، لكنَّ العذاب مُعَدٌّ لهم في الآخرة بأشدِّ ما يكون.


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٨٥) عن الزهري، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٠١ - ٥٠٢) عن الزهري وابن زيد.
(٢) ذكره الماوردي في "تفسيره" (٥/ ٥٠٠).