للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو إنسان بعينه، واختلفت الرِّوايات فيه:

قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كان هذا الإنسان راهبًا في بني إسرائيل يعبدُ اللَّه تعالى، ويُحْسِن عبادَتَه، وكان يُؤتَى من كلِّ أرضٍ فيُسألَ عن الفقه، وكان عالمًا، وإنَّ ثلاثة إخوةٍ كانت لهم أختٌ حسناء من أحسن النَّاس (١)، وإنَّهم أرادوا أن يسافروا، وكبر عليهم أن يذَروها (٢) ضائعة، فجعلوا يأتمرون ما يفعلون، فقال أحدهم: أنا أدلُّكم على مَن تتركونها عنده، فقالوا: مَن؟ قال: راهبُ بني إسرائيل، إن ماتَتْ قام عليها، وإن عاشَتْ حفظها حتَّى ترجعوا إليه، فعمدوا إليه، فقالوا: إنَّا نريد السَّفر، ولن نجدَ أحدًا أوثقَ في أنفسِنا ولا أحفظَ لها منك؛ لِمَا جعل اللَّه عندك، فإن رأيْتَ ذلك خلَّفْنا (٣) أختنا عندك، فإنها ضائعة شديدة الوجع، فإن ماتَتْ فقم عليها، وإن عاشَتْ فأصلح إليها حتى نرجع، فقال: أكفيكم إن شاء اللَّه، وإنهم انطلقوا، فقام عليها فداواها حتى برأت، وعاد إليها حسنها، وإنَّه اطَّلع عليها فوجدها متصنِّعة، فلم يزل به الشَّيطان يزيِّن له حتى واقعَها، فحملَتْ، ثم ندَّمه الشَّيطان، فزيَّن له قتلَها، وقال: إنْ لم تفعل افتضحْتَ وعُرف شبهُك (٤) فلم يكن لك معذرةٌ، فلم يزلْ به حتى قتلَها، فلمَّا قدمَ إخوتها سألوه: ما فعلَتْ فلانة؟ قال: ماتَتْ فدفنتُها، قالوا: قد أحسنْتَ، فجعلوا يرون في المنام يُخبَرون أنَّ الرَّاهب قد قتلَها، وأنَّها تحت شجرة كذا وكذا، وأنَّهم عمدوا إلى الشَّجرة فوجدوها قد قُتلَتْ، فعمدوا إليه فأخذوه، فقال الشَّيطان: أنا الذي زيَّنْتُ لك الزِّنى، وزيَّنْتُ لك قتلَها بعد الزِّنى، فهل لك أن أنجيَك


(١) في (ف): "النساء".
(٢) في (أ): "يضعوها".
(٣) في (ر): "جعلنا".
(٤) في (أ): "شأنك". وفي مصادر التخريج: "شبهك في الولد".