للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}: أي: فلا تردوهنَّ إلى الكفَّار.

{لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}: نفي الحلِّ من الجانبين إذا أسلمَتِ المرأة والزَّوجُ كافر.

ثم الإيمانُ ذكر في هذه الآية على ثلاثة أوجه:

الأوَّل: إيمانٌ بدلالة الحال؛ {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ}، وهو بنفس هجرتهنَّ إلينا، فإنَّ ذلك إظهار الإيمان منهنَّ.

والثَّاني: بالنُّطق والأمارات عليه، وهو قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}.

والثَّالث: الحقيقة والاعتقاد، وهو قوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ}.

وذُكر أنَّ هذه الآية نزلَتْ في صلح الحديبية، وكان فيه: أنَّ مَن جاءنا منهم ردَدْناه عليهم، فأمرَ اللَّهُ تعالى في النِّساء أن لا يُردَدْنَ إليهم، وفي الرِّجال أنْ يُرَدُّوا إليهم، وذلك لضعف النِّساء على الدَّفع عن أنفسهنَّ، والعجزِ عن الصَّبر عن الفتنة.

وسئل ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كيف كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يمتحِنُ النِّساء؟ قال: كان يقول: "باللَّه ما خرجْتِ من بغضٍ لزوجك؟ باللَّه ما خرجْتِ التماسَ دنيا (١)؟ باللَّه ما خرجْتِ رغبةً إلى أرض؟ باللَّه ما خرجْتِ إلَّا حبًّا للَّه تعالى ولرسوله؟ " (٢).

وقالت عائشة رضي اللَّه عنها: ما كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يمتحن إلَّا بالآية التي قال: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية (٣).


(١) في (أ): "ذنبًا".
(٢) رواه البزار (٢٢٧٢ - كشف الأستار)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (٧٢٢)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٧٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٥٠). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٢٣): فيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه غيرهما، وبقية رجاله ثقات.
(٣) رواه البخاري (٢٧١٣)، ومسلم (١٨٦٦).