للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن زيد: خرجَتِ امرأةٌ من المسلمين إلى المشركين، وأتَت امرأةٌ من المشركين، فقال القوم: هذه عقبتُكم (١) قد أتتْكُم، فأنزل اللَّه تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} (٢).

{فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}: أي: فأعطوا المسلمين الذين ارتدَّتْ زوجاتهم ولحقْنَ بدار الحرب مهورَ زوجاتهم مِن هذه الغنيمة.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} نَ: ثم نسخ هذا الحكم بآية القتال أيضًا.

وروي: أن الآية الأولى نزلَتْ في عام الحديبية؛ لَمَّا صالح النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أهلَ مكَّة، وكتبَ في العهد: إنَّ مَن أتى المسلمين مسلمًا رُدَّ عليهم، خرجَتْ يومئذ سبيعة بنت الحارث مسلمةً، وجاء زوجُها يستردُّها، ويقول: ردَّها عليَّ يا محمَّدُ؛ فإنَّه في الشَّرط، وإنَّ طينة الكتاب لم تجفَّ، فنزلت الآية (٣) (٤).

وقال الواقديُّ: لا نعلم قرشيَّة خرجَتْ من أبويها مسلمةً مهاجرةً إلى اللَّه تعالى إلَّا أمَّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيْط، كانت تحدِّث تقول: كنْتُ أخرج إلى باديةٍ لنا بها


= {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} صدقاتهن عوضًا.
(١) في (ف): "عقيبتكم"، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "تفسير الطبري".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٩٣).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٣٠٣). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٩٤) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره الماوردي في "تفسيره" (٥/ ٥٢١) عن الكلبي.
(٤) ذكر الخبر عند تفسير هذه الآية مقاتل والفراء وأبو الليث السمرقندي والثعلبي والبغوي والزمخشري وابن عطية وابن الجوزي في تفاسيرهم، وهبة اللَّه بن سلامة في "الناسخ والمنسوخ" (ص: ١٧٧ - ١٧٨). وعزاه الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٤٢٤)، وكذا شيخه الثعلبي وتلميذه البغوي لابن عباس لكن دون إسناد. وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٥٢١) عن الكلبي. فلعله كغيره من الأخبار التي رويت من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.