للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وانتظام السُّورتين: أنَّ تلك السُّورة في إيذاءِ أهلِ الكتاب موسى وعيسى عليهما السلام بما قالوا، وهذه السُّورة في إيذائهم محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين بما قالوا.

* * *

(١ - ٢) - {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.

وقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}: ذُكِرَ أنَّ أهلَ الكتاب قالوا للعرب: نحن أهل الكتاب وأنتم أُمِّيُّون لا كتاب لكم، ونحن أبناءُ اللَّه وأحبَّاؤه وأنتم رعاة البَهْم، ولنا السَّبتُ ولا سبتَ لكم.

فردَّ اللَّه تعالى طعنَهم بهذه الأشياء الثَّلاثة في هذه السُّورة.

وكان في عهدهم: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]، فنقضوا، وأساؤوا القول فيهم.

وقالوا في اللَّه ما هو أفظع من كلِّ شيء: عزيرٌ ابنُ اللَّه، والمسيحُ ابنُ اللَّه.

فنزَّه اللَّه تعالى نفسَه عمَّا قالوا فيه، وذبَّ عن المؤمنين ما قالوا فيهم، فقال في الأوَّل: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} الآية، وهو تنزيهُ الخلائق كلِّها تنزيهَ الفطرة على ما مرَّ غير مرَّة.

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ}: أي: في العرب الذين لا يقرؤون ولا يكتبون.

{رَسُولًا مِنْهُمْ}: وهو محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، أميًّا لا يكتبُ ولا يقرأ من كتاب؛ دلالةً له أنَّه من اللَّه تعالى يُخبرُ، لا عن كتابٍ يأخذ.