للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨) - {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}: أي: لا ينفعكم الفرار عنه، بل هو آتيكم فيلقاكم وتلقونه، والملاقاة من الجانبين.

{ثُمَّ تُرَدُّونَ} بعد الموت {إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}؛ أي: إلى جزاء اللَّه الذي يعلم السِّرَّ والعلانية {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}؛ أي: يخبركم به ويجازيكم عليه.

وقال مقاتل: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كتبَ إلى يهود المدينة يدعوهم إلى دين الإسلام، فكتب يهودُ المدينة إلى يهود خيبر: إنَّ محمَّدًا يزعم أنَّه نبيٌّ، فإنَّه يدعونا وإيَّاكم إلى دينه، فإن كنتم تريدون متابعته فاكتبوا إلينا كتابًا ببيان ذلك، وإنَّما نحن وأنتم على أمر واحد، ولا نؤمن به ولا نتَّبعه. فكتب يهود خيبر إليهم: إنَّ إبراهيم كان صدِّيقًا نبيًّا، وإنَّ إسحاق بعده كان صدِّيقًا نبيًّا، ويعقوب بعد إسحاق كان صدِّيقًا نبيًّا، وولد ليعقوب اثنا عشر ذكرًا، فكان لكلِّ واحد منهم أمَّة من النَّاس، ثم كان موسى يقرأ التَّوراة من الألواح، وعُزير يقرؤها ظاهرًا، ولولا أنَّه كان ولدَ اللَّه ونبيَّه وصفيَّه لم يقرأ ظاهرًا، فنحن وأنتم من سبط مَن كلَّمه اللَّه تكليمًا، واتَّخذه اللَّه خليلًا، فنحن أحقُّ بالنُّبوَّة والرِّسالة، ومنَّا كانت الأنبياء في جزائر العرب، وما سمعنا قط كان من العرب إلَّا هذا الرَّجل، على أنَّا (١) نجد نعتَه وصفته في التَّوراة، فإن تبعتُموه صغَّركم اللَّه


= الكبرى" (١٠٩٩٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٦٠٤) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما مرفوعا: "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا"، وجود إسناده السيوطي في "مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا" (ص: ١١٦).
(١) في (ر): "لا نجد"، والمثبت من باقي النسخ و"تفسير مقاتل".