للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليك أربعة أشهر وعشرًا، فأتت النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لها: "قد حللْتِ" (١).

وعن عليٍّ رضي اللَّه عنه أنَّه كان يقول: تعتدُّ أبعدَ الأجلَيْن؛ لأنَّ قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] يقتضي الاعتداد بالأشهر في الحامل وغير الحامل، وآية هذه السُّورة تقتضي انقضاءَ عدتها بوضع الحمل في الطَّلاق والوفاة، فيُجمع بينهما احتياطًا (٢).

وعن عمر وابن عمر وابن مسعود وجماعةٍ من الصَّحابة: أنَّ عدَّتها تنقضي بوضع الحمل.

قال عمر رضي اللَّه عنه: لو وضعَتْ ما في بطنها وزوجُها على سريره قبل أن يُدلَّى في حفرته لانقضَتْ عدَّتها وحلَّت للأزواج (٣).

وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه: مَن شاء باهلْتُه عند الحجر الأسود أنَّ سورة النِّساء القُصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة، فكانت ناسخةً لذلك (٤).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}؛ أي: ومَن يَلزم طاعة اللَّه فيما أمره به ونهاه عنه، فذلك وإن ثقل عليه في الحال فإنَّه يجد له يُسرًا في عاقبته؛ لِمَا يأمن من عقوبة المعصية، وينال من ثواب الطَّاعة، ولذا سمَّى اللَّه الطَّاعة اليسرى، والمعصية العسرى، بقوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٧]، وقوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ١٠].


(١) رواه البخاري (٣٩٩١)، ومسلم (١٤٨٤)، من حديث أبي سلمة رضي اللَّه عنه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧١٠٢، ١٧١٠٣)، وانظر: "الأم" للشافعي (٧/ ٢٦٤).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٧٠٩٨).
(٤) رواه البخاري (٤٩١٠)، ولفظه: "أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة، لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى"، ورواه أبو داود (٢٣٠٧) بلفظ قريب من لفظ المصنف، ولفظه: "من شاء لاعنته لأنزلت سورة النساء القصرى بعد الأربعة الأشهر وعشرًا".