للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل بن حيَّان: همَّ بطلاقِها، فقال جبريل عليه السَّلام: لا تطلِّقْها؛ فإنَّها صوَّامة قوَّامة، فترك ذلك (١).

وعن عمر رضي اللَّه عنه قال: كنَّا معشر قريش قومًا نغلبُ النِّساءَ، فلمَّا قدمْنا المدينة وجدنا قومًا يغلبهم النِّساءُ، فطفقَتْ نساؤنا يتعلَّمْنَ مِن نسائهم، وكان منزلي في بني أميَّة بن زيد في العوالي، فغضبْتُ يومًا على امرأتي، فإذا هي تراجعُني، فأنكرْتُ أنْ تراجعني، فقالت: ما تنكرُ أنْ أراجعَكَ؟ واللَّه إنَّ أزواجَ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليراجعْنَهُ، وتهجرُهُ إحداهنَّ اليومَ إلى اللَّيل. فانطلقْتُ فدخلْتُ على حفصة، فقلْتُ: أتراجعين رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالَتْ: نعم. فقلْتُ: وتهجرُهُ إحداكُنَّ اليومَ إلى اللَّيل؟ قالَتْ: نعم. قلْتُ: قد خابَ مَن فعلَ هذا منكنَّ وخسرَتْ؛ أفتأمَنُ إحداكُنَّ أنْ يغضبَ اللَّه عليها لغضبِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا هي قد هلكَتْ؟ لا تراجعي رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تسأليه شيئًا، وسليني ما بدا لَكِ، ولا يغرنَّكِ أنْ كانَتْ جارتُكِ هي أوسَمَ وأحبَّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منك، يريد عائشة.

قال: وكان لي جارٌ من الأنصار، وكنَّا نتناوب النُّزول إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فينزلُ يومًا وأنزلُ يومًا، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، وكنَّا نتحدَّثُ أنَّ غسَّانَ تُنْعِلُ الخيلَ لتغزوَنا، فنزل صاحبي يومًا، ثم أتاني عشاءً، فضرَبَ بابي، ثمَّ ناداني، فخرجْتُ إليه، فقال: حدَثَ أمرٌ عظيم! قلْتُ: ماذا؟ أجاءَت غسَّان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأطم (٢)؛ طلَّق النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نساءَه. قلْتُ: قد خابت حفصةُ وخسرَتْ، قد كنْتُ أظنُّ هذا، فلمَّا صلَّيْتُ الصُّبحَ شددْتُ عليَّ ثيابي، ثم نزلْتُ فدخلْتُ على


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٤٥) عن مقاتل بن حيان، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٠) عن قتادة.
(٢) في (ر) و (ف): "وأهم". وهي في الصحيحين: "وأطول"، وفي رواية للبخاري: "وأهول".