للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في اللَّه وفي رسوله وفي آيات اللَّه {أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}؛ أي: إنْ شئْتُم فنافقوا، وإنْ شئْتُم فصرِّحوا بالكفر وأعلنوه.

{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}: أي: بضمائر القلوب، لا يخفى عليه شيء (١) إنْ أسررْتُم، ولا يزيده وضوحًا إن أعلنْتُم، وهو كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: ٤٠].

* * *

(١٤) - {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}: أي: ما خلقَ، ودلَّ على أنَّ اللَّهَ خالقُ أفعال العباد ظاهرِها وباطنِها، وإذا حُمِل على (ما) صار مفعولًا، والفاعل هو قوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ}، ولو قُدِّرَ {مَنْ} على حقيقته، فقوله: {مَنْ خَلَقَ} هو الخالق، والمخلوق يكون مضمرًا، ويكون {مَنْ خَلَقَ} فاعلًا، وتقديره: ألا يعلم الخالقُ مخلوقَه، ويدلُّ على ما قلنا أيضًا.

{وَهُوَ اللَّطِيفُ}: أي: العالم بدقائق الأشياء {الْخَبِيرُ}؛ أي: العالم بحقائق الأشياء.

وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: نزلَتْ في مشركي مكَّة، كانوا ينالون من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيخبره جبريل عمَّا (٢) قالوا، فيقول بعضُهم لبعضٍ: أسرُّوا قولكم لا يسمع إلهُ (٣) محمَّد، فأنزل اللَّه تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} (٤) علانيةً {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}: بما في القلوب من السِّرِّ، {أَلَا يَعْلَمُ} سرَّ القلوب {مَنْ خَلَقَ} السِّرَّ والقلوب.


(١) "شيء" من (ف).
(٢) في (ف): "بما".
(٣) في (أ): "به".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٥٩)، والواحدي في "البسيط" (٢٢/ ٥١).