للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو معاذ: قال خارجةُ: حُدِّثْتُ أنَّ هذه الجنَّة كانت قريبةً من صنعاء في الفترة، وكان أهلها مسلمين على دين عيسى، وكان الفقراء يحملون في تلك الجنَّة ستَّ سنين، والنَّفقة على الأغنياء، فإذا كانت السَّنةُ السَّابعةُ كان للفقراء ثمرُها وخيرها، غيرَ أنَّ الرِّقاب لأربابها الأغنياء، فكانوا كذلك ما شاء اللَّه، ثمَّ دخلهم ما يدخل النَّاس من الأمر الطبيعي، فغدَوا ليَحرموا المساكين في سنَتهم السَّابعة، فابتلاهم اللَّه تعالى بما ذكَرَ، فتاب اللَّهُ عليهم، فلمَّا كان في السَّنة الثَّامنة عمَروها من أموالهم ونفقاتهم، فدفعوها إلى الفقراء، فتاب اللَّه عليهم.

وعن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أنَّ اللَّه تعالى ابتلى أهل مكَّة بالقحط بعد تعزُّزهم بالأموال، كما كان لأهل تلك الجنَّة (١).

وقال الكلبيُّ: بلغَنا أنَّهم كانوا أبناء قوم صالحين، وأنَّ أباهم قد جعل للمساكين حظًّا من جنَّته عند الحصاد ما أخطأ (٢) المنجلُ، وعند القطاف ما أخطأ القاطف (٣)، ومن النَّخل ما انتثر منها، فلمَّا مات شيخُهم قال بنوه: إنَّ في هذا الفضل لطعامٌ كثيرٌ، وغدوا وقت السُّدْفة (٤)، وتقاسموا ألَّا يُطعموا مسكينًا شيئًا، فأصابهم ما ذكر اللَّه تعالى (٥).


(١) ذكر نحوه بلا نسبة: الزجاج في "تفسيره" (٥/ ٢٠٩)، والماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (١٠/ ١٤٤)، والثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٦).
(٢) في (أ): "أخطؤوا".
(٣) في (أ): "القاطفة".
(٤) في (ر): "السرمة"، وفي (ف): "الشدفة". والسُّدفة: الظلمة، والشدفة بمعناها. انظر: "القاموس المحيط" (مادة: سدف وشدف).
(٥) روى نحوه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١٦) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.