للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَذَرْهُمْ}: أي: فدعهم يا محمَّد {يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}؛ أي: فيما هم فيه، فإنَّه اشتغالٌ بالباطل الذي لا يأتي بنفع، بل بضرٍّ وتعبٍ، يتصرَّف فيه صاحبه عن غير عاقبة حميدة، وعن قريب يلاقون يومَهم هذا الذي يوعدون به، وهو يوم تكون السَّماء كالمهل، وكذا وكذا.

{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ}: أي: القبور {سِرَاعًا} متبادرين إلى موقف الحساب.

{كَأَنَّهُمْ} في سرعتهم {إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ}: قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص: {نُصُبٍ} بضمَّتين (١)، وقرأ الباقون بفتح النَّون وتسكين الصَّاد (٢).

وبالضَّمَّتين قيل: هو الصَّنم الذي يُنصَب فيُعبَد، وجمعه: الأنصاب.

وقيل: هو جمع، وواحده: النِّصاب، يعني: كأنهم يتبادرون إلى أصنام أو صنم أيُّهم يستلمه أو يستلمها.

والنَّصْب بالفتح: العلَم المنصوب؛ أي: كأنَّهم في سرعتهم قد نُصِبَ لهم عَلَمٌ، فهم يسعون إليه ليبلغوه، فيتبادرون إليه بالسَّبق.

وقيل: النَّصْب بالفتح: واحدٌ، وجمعه النُّصُب بالضَّمِّ، كالرَّهْن والرُّهُن.

وقيل: بالضَّم: جمع نَصِيبة، وهي علامة تُنْصَب للقوم أيَّ علامةٍ كانت.

{يُوفِضُونَ}؛ أي: يسرعون.

{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ}: أي: ذليلةً، نصبٌ على الحال.

{تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}: أي: يغشاهم هوان المذنبين.

{ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}: فيكذِّبون به، فيقولون: متى هذا العذاب الواقع؟

والحمد للَّه (٣)


(١) في (ف): "بضم النون والصاد".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٥١)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٤).
(٣) "والحمد للَّه" من (ف) وليس فيها: "فيكذبون به فيقولون متى هذا العذاب الواقع".