للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الحسنُ: إنَّ اللَّه تعالى افترضَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين (١) قيام اللَّيل، فكان قيامُ ثلث اللَّيل فريضةً عليهم، فكانوا كذلك سنةً حتى انتفخت أقدامُهم، وعلموا أنَّهم لا يطيقون ذلك، فرحمهم اللَّه تعالى ووضعه عنهم، فأنزل: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ} الآية (٢).

وقوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}: أي: في صلاة اللَّيل.

قال الفرَّاء: أي: اقرأه على هِيْنَتك (٣).

وقال أبو سعيد: أي: فصِّلْه، وهو أن يسكت على الآية، فيتأمَّلَها.

وقيل: التَّرتيل: أداء الحروف وحفظُ الوقوف.

وقال قطربٌ: أي: ليِّنه، وهو خفض الصوت وتحزين القراءة، والرَّتل: اللِّين.

والأقاويل المتقدِّمة من قولهم: ثَغْرٌ رَتَلٌ ورَتِل؛ أي: مُفَلَّج مُبَيَّن حَسَنُ النَّظْم.

* * *

(٥) - {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}.

وقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}: قيل: هو افتراض قيام اللَّيل؛ فإنَّه يَصْعب على الأنفس العمل به لأنَّه للنَّوم والاستراحة عادةً.

وقيل: معناه: إنَّا سنوحي إليك قرآنًا يَثقل العملُ بشرائعه وأحكامه.

وقيل: أي: قرآنًا ثقيلًا على الكفَّار، لِمَا فيه من الاحتجاج عليهم وبيانِ (٤) ضلالتهم، وسبِّ آلهتهم، وتسفيهِ أحلامهم، وعلى أهل الكتاب لبيان تحريفهم.


(١) في (ف): "افترض على المؤمنين والمؤمنات".
(٢) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٦٢).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٩٧).
(٤) في (أ): "في بيان".