للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}: أي: هو يزيد وينقص، وهو العالم بمقاديرهما على الحقيقة، وأنتم تعلمون ذلك بالتحرِّي (١) المؤدِّي إلى الخطأ أحيانًا.

{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}: أي: لن تقدروا على حفظ هذه المقادير.

وقيل: أي: لن تطيقوا قيام اللَّيل على الدَّوام، ثم هذا لم يكن تكليفَ ما ليس في الوسع، لكن كان يَشُقُّ عليهم بعضَ المشقَّة.

قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ}: أي: رجع بكم من تثقيلٍ إلى تخفيفٍ، ومن تعسيرٍ إلى تيسيرٍ، بأنْ أزالَ عنكم هذا الفَرْض، وأسقط عنكم مؤنة حفظ التَّقدير، وهو كقوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ١٨٧].

{فَتَابَ عَلَيْكُمْ} وهذا الإحصاء كالمذكور في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استقيموا ولن تحصوا" (٢)؛ أي: ولن تطيقوا ذلك بحقِّ الواجب فيه إلَّا بمشقَّة، "فسدِّدوا"؛ أي: الزموا السَّداد "وقاربوا" (٣)؛ أي: كونوا قريبًا من طريق الحقِّ ولا تمايلوا عنه.

والإحصاء يكون عدًّا ويكون استطاعة.


(١) في (أ) و (ف): "بالتحري".
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٣٤) بلاغًا، وهو قطعة من حديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٢٣٧٨)، وابن ماجه (٢٧٧)، عن ثوبان رضي اللَّه عنه مرفوعًا.
(٣) قوله: "فسددوا وقاربوا" إن كان يقصد المصنف أنها تابعة لحديث: "استقيموا ولن تحصوا" وهو الظاهر من صنيع المصنف، فهو رواية للحديث عند الإمام أحمد في "المسند" (٢٢٤٣٣)، لكن ليس فيه عبارة: "استقيموا ولن تحصوا"؛ أي: أن كل جملة منهما وردت في رواية.
وإن كان يقصد المصنف بقوله: "فسددوا وقاربوا" أنه رواية مستقلة عما قبله، فقد وردت هذه الجملة في عدة أحاديث، منها ما رواه البخاري (٣٩) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه ولفظه: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".