للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا}؛ أي: ضِمامًا {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا}: نصب بوقوع فعل الكَفْت -وهو الضَّمُّ- عليه؛ أي: تَضُمُّ الأحياءَ في المنازل، والأمواتَ في القبور.

فمن أهل اللُّغة من جعل الكِفات مصدرًا بمعنى النَّعت.

وأبو عبيدة والأخفش وقطربٌ جعلوا الكِفات جمع الكَفْت، وهو الوعاء (١).

وبعضُهم جعله اسمًا لِمَا يقع به الضَّمُّ، كالسِّداد اسم لِمَا يقع به السَّدُّ.

وفي الحديث: "اكفِتُوا صبيانَكُم باللَّيل؛ فإنَّ للشَّياطين انتشارًا" (٢)؛ أي: ضُمُّوهم إليكم، واحتبسوهم في البيوت.

وقال الكسائيُّ: يُقال: انكفَتوا إلى منازلهم؛ أي: انقلَبوا، ومعنى الآية: أنَّهم يتقلَّبون فيها، ويُدفنون فيها.

وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {كِفَاتًا}؛ أي: منقلَبًا (٣).

وقال الرَّازيُّ: ابن (٤) آدم خلق من الأرض فهي أمه، وفيها ينشأ فهي عيشه (٥)، وإليها يعود فهي كفاتُه، فهي ممر الخلق إلى الجنة أو إلى النار.

{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}: أي: جبالًا ثوابت.

{شَامِخَاتٍ}: أي: عاليات هي أوتاد الأرض وفيها المنابت والمعادن.

{وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا}: أي: جعلنا لكم سقيًا صافيًا عذبًا.

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}: أي: يومَ الفصل.


(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٢٨١).
(٢) رواه البخاري (٣٣١٦)، ومسلم (٢٠١٢)، من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٥٩٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٩٢)، كلاهما بلفظ: "كفاتًا: كنًّا".
(٤) في (ر): "إن"
(٥) في (ف): "عشه".