للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٦ - ٥٠) - {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}.

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا}: خطاب للكفَّار بصيغة الأمر على جهة (١) التَّهديد، كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠]؛ أي: إن تمتَّعتم -وهو قليل- فإنَّ عاقبتَه النَّار.

{إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ}: وقد قال: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ}: {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ}.

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}: فسَّرناه.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا}: أي: صلُّوا {لَا يَرْكَعُونَ}؛ أي: لا يصلُّون.

قال ابن عبَّاس: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصَّلاة، فقالوا: لا نجبِّي -أي: لا ننحني للرُّكوع والسُّجود- فتعلوا أستاهنا، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا خير في دين لا يكون فيه ركوع ولا سجود" (٢).


(١) في (ف): "وجه".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١١١)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٥/ ٤٢١) عن مقاتل.
وروي بإسناد رواته ثقات لكن دون ذكر النزول، فقد روى الإمام أحمد في "المسند" (١٧٩١٣)، وأبو داود (٣٠٢٦)، من طريق الحسن عن عثمان بن أبي العاص رضي اللَّه عنه: أن وَفْدَ ثَقيفٍ لَمَّا قدمِوا على رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنزلَهم المسجدَ ليكون أردتَّى لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يُحْشَروا ولا يُعْشَرُوا ولا يُجَبُّوا، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكم أن لا تُحشَروا ولا تُعشَروا، ولا خيرَ في دِين ليس فيه ركوعٌ". ورجاله ثقات، إلا أن في سماع الحسن -وهو البصري- من عثمان بن أبي العاص اختلافًا، قال عبد الحق الإشبيلي "الأحكام الوسطى" (٣/ ٧٥): ولا يعرف للحسن سماع عن عثمان، والحديث معروف وليس طرقه بقوية.
قلت: ويُثبت سماعه منه ما أورده البخاري في "التاريخ الكبير" (٦/ ٢١٢) عن الحسن قوله: كنا ندخل على عثمان بن أبي العاص.