للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: هو البعث بعد الموت، صاروا فيه مختلفين؛ مصدِّقين ومكذِّبين (١).

وقال الحسن: هو النُّبوَّة، قال: لَمَّا بُعِثَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جعلوا يتساءلون بينهم: ما هذا الذي حدث؟ فنزل: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (٢).

يقول: عمَّاذا يسألُ بعضُ المشركين بعضًا، فيقول الواحد لصاحبه: ما هذا الذي حدث ممَّا يدَّعيه محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- من أنَّ اللَّه تعالى بعثَه، وأوجب علينا الانقياد له، وألَّا نعبدَ الأصنام؟!

وهو نبأٌ عظيم في نفسِه؛ لِمَا فيه من خلع الأنداد، وثبوت التَّوحيد بالاعتقاد، والتَّنبيه على سبيل الرَّشاد، ومصالح المعاش والمعاد.

* * *

(٣ - ٥) - {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}.

قوله تعالى: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ}:

ففي القرآن: قال بعضهم: هو شعر، وقال بعضهم: هو سحر، وقال بعضهم: هو كَهانة، وقال بعضهم: هو مفترًى، وقال بعضهم: هو أساطير الأولين، وكذا وكذا.

وفي البعث: منهم مَن جحدَه، ومنهم مَن شكَّ فيه، ومنهم مَن قال: تشفع لنا فيه الآلهة، ومنهم مَن قال: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت: ٥٠].

وفي النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال بعضهم: هو مجنون، وقال بعضهم: هو ساحر، وشاعر، وكاهنٌ، وكاذبٌ.

وقوله تعالى: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}: أي: ليس كما يقولون: إنَّه باطل، بل هو حقٌّ، وسيعلمون ذلك.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٦).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٩٤).