للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وافتتاحها بذكر قصَّة ابن أمِّ مكتوم، وذكر ذلك على وجوه:

منها ما رُوي عن ابن عبَّاس: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جلس إليه العبَّاس بن عبد المطَّلب وأميَّة بن خلف الجمحي، فهو يناجيهما، ويرجو أنْ يُسْلِما، فأتاه عبدُ اللَّه بن أمِّ مكتومٍ الأعمى، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، علِّمْني ممَّا علَّمَكَ اللَّهُ، فأعرضَ عنه وعبسَ في وجهِهِ، فنزل: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى}، فخرج النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في طلبِه وهو يقول: "من رأى الأعمى"، فلمَّا لقيَه عانقَه وقال: "لن تزال في عيال محمَّدٍ ما بقيْتَ"، واستخلفه على المدينة مرَّتين (١).

وفي رواية عروة بن الزَّبير: جاء ابن أمِّ مكتوم إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده عتبة بن ربيعة ورجال من قريش القصَّة (٢).

وقال مقاتل: {عَبَسَ}؛ أي: كلحَ في وجه عَمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عامر بن لؤي بن فهر بن مالك القرشي، وهو ابن أمِّ مكتوم، وأمُّه عاتكة بنت عامر بن عمرو بن مخزوم، وكان ضرير البصر، أتاه فقال: علِّمني ممَّا علمَكَ اللَّه، يعني: الإسلام والقرآن، فأعرض عنه وكلح في وجهه، وأقبل على العَّباس وأميَّة بن خلف، فنزلت الآية (٣).


(١) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٠٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٩٩)، وفيه بدل "فخرج النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في طلبِه وهو يقول: "من رأى الأعمى. . . " إلخ: (فلما نزل فيه أكرمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكلَّمه، وقال له: "ما حاجتُك، هل تريدُ مِن شيءٍ؟ " وإذا ذهب من عنده قال له: "هل لكَ حاجةٌ في شيء؟ " وذلك لما أنزل اللَّه: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى}. قال ابن كثير: فيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده.
(٢) ذكره ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ٢٠٨).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٥٨٩).