للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صورته، فقال له جبريل: إنَّك لا تطيق ذلك، فقال: "إنِّي أحُّب أن تفعلَ"، قال: نعم، قال: "فاخرُجْ إلى بقيع الغرقد"، قال جبريل: لا يسعني ذلك المكان، قال: "فاخرُجْ إلى مكانِ كذا" فسمَّاه الرَّاوي، قال: لا يسعني ذلك، فخرج رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المصلى في ليلة مقمرة فأتاه جبريل في صورته، فخرَّ مغشيًّا عليه (١) حين رآه، ثم أفاق وجبريل مُسنده واضعٌ إحدى يديه على صدره والأخرى بين كتفيه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبحان اللَّه! ما كنْتُ أرى أنَّ شيئًا من الخلق هكذا"، فقال جبريل صلوات الرَّحمن عليه: فكيف لو رأيْتَ إسرافيل، إن له لاثني عشر جناحًا، منها جناح في المشرق وجناح في المغرب، وإنَّ العرش لعلى كاهله، وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة اللَّه تعالى، حتى يصير كالوصَع (٢) حتى ما يحمل عرشه إلَّا عظمته (٣).

* * *

(٢٦ - ٢٩) - {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

وقوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}: أي: معرِضين عن هذا البيان بعد (٤) بلوغ الغاية.

{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}: أي: ليس القرآن إلَّا ذكرًا لِمَا به الحاجة إليه لكلِّ الإنس والجنِّ.


(١) في (أ) و (ف): "فغشي على رسول" بدل من "فخر مغشيًا عليه".
(٢) في "الزهد" لابن المبارك: الوصع: عصفور صغير.
(٣) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٢٢١)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٩٧ - ٩٨). قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٣/ ١٤٦): مرسل جيد.
(٤) في (ف): "عند".