للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤) - {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}.

وقوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}: وهو الشَّقُّ العظيم.

وفي قصَّتهم حثُّ المؤمنين على الصَّبر وتحمُّلِ أذى الكفَّار، فقد كان في الزَّمن الماضي كذلك، وكان المشركون يعذِّبون بلالًا وعمارًا وآخرين، فَنبّهوا (١) أنَّ شرط الإيمان هو الصَّبر في اللَّه، وانتظار الفرج في الدُّنيا، والثَّواب في الآخرة.

والرِّواياتُ مختلفة في ذلك جدًّا:

روى صهيب رضي اللَّه عنه أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كان ملكٌ فيمَنْ كان قبلَكُم، وكان له ساحرٌ، فلمَّا كَبِرَ قال للملِكِ: إنِّي قد كَبِرْتُ، فابعث إليَّ غلامًا أعلِّمُه السِّحْرَ، فبعثَ إليه غلامًا فعلَّمَه، وكان في طريقِهِ راهبٌ يقعُد إليه الغلامُ ويسمَعُ كلامَه، فأعجبَه، وكان إذا أتى السَّاحرَ ضربَه، وإذا رجع من عند السَّاحر قَعَدَ إلى الرَّاهب ويسمَعُ كلامَه، فإذا أتى أهلَه ضربوه، فشكا ذلك إلى الرَّاهب، فقال له: إذا خشيْتَ (٢) السَّاحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيْتَ (٣) أهلَكَ فقل: حبسني السَّاحر.

فبينما هو كذلك إذ (٤) أتى على دابَّة عظيمة قد حبسَتِ النَّاس، فقال: اليومَ أعلمُ أنَّ الرَّاهِبَ أفضلُ أم السَّاحر، فأخذ حجرًا ثم قال: اللَّهم إن كان أمرُ الرَّاهب أحبَّ إليك من أمر السَّاحر فاقتل هذه الدَّابة حتى يمضيَ النَّاس، فرماها فقتلَها، ومضى النَّاسُ، فأتى الرَّاهبَ فأخبرَه، فقال له الرَّاهبُ: يا بنيَّ أنت اليوم أفضل منِّي، قد بلغ من أمرِكَ ما أرى، وإنَّك ستُبْتلى، وإنِ ابتُليْتَ فلا تدلَّنَّ عليَّ.


(١) في (ر): "فتنبهوا"، و (ف): "ففهموا".
(٢) في (ر): "جئت إلى"، وفي (ف): "جئت".
(٣) في (ف): "أتيت".
(٤) "إذ" من (ف).