للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فدفعَهُ إلى نفرٍ مِنْ أصحابِهِ، فقال: اذهبوا به في قُرْقُوْرٍ (١) -وهي السَّفينة- فلجوا به البحرَ (٢)، فإنْ رجعَ عن دينِه وإلَّا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللَّهمَّ اكْفِنِيْهِمْ بما شِئْتَ، فانكفَأَتْ بهِمِ السَّفينةَ، ثمَّ عادَ الغلامُ إلى الملِكِ (٣).

ثمَّ قال للملِكِ: إنَّكَ لسْتَ بقاتلي حتَّى تفعلَ ما آمرُكَ به، قال: وما هو؟ قال: تجمَعُ النَّاسَ في صعيدٍ واحدٍ وتصلُبُني على جذعٍ، ثم تأخذُ سهمًا من كِنانتي، ثم قُلْ: بسمِ اللَّهِ ربِّ الغُلامِ، ثمَّ ارمِنِي بِهِ، فإنَّكَ إذا فعلْتَ ذلك قتلتَنِي، فجمَعَ النَّاسَ في صعيدٍ واحدٍ، ثمَّ صلبَهُ على جِذْعٍ، ثم أخذَ سَهمًا مِن كنانَتِهِ، ثم وضعَ السَّهمَ في كبدِ قَوْسِهِ، ثمَّ قال: بسمِ اللَّهِ رَبِّ الغلام، ثمَّ رماهُ، فوقع السَّهمُ في صُدْغِهِ، فوضعَ يدَه عليه فمات، فقال النَّاسُ: آمنَّا بربِّ الغلام.

فقيل للملِكِ: قد واللَّهِ نزلَ بِكَ ما كنْتَ تحذَرُ، وقد آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أفواهِ السِّكَكِ، فخُدَّتْ، وأُضْرِمَ فيها النَّارُ، وقال: مَن لم يرجعْ فأقحِموه فيها، ففعلوا، حتى جاءَتِ امرأةٌ معها صبيّ لها، فتقاعَسَتْ -أي: تأخَّرَتْ- أنْ تقعَ فيها، فقال لها الصَّبِيُّ: يا أمَّاه، اصبري فإنَّكَ على الحقِّ" (٤).

وتروى هذه القصَّة عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما مع زوائد، قال: كان بنجرانَ ملِكٌ من ملوك حمير يقال له: يوسف ذو نُوَاسِ بنِ شَرَاحيل، في الفترة (٥) قبلَ مولِد النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بسبعين سنة.


(١) في (ر): "إلى قرقورة".
(٢) "البحر" من (ف).
(٣) "ثم عاد الغلام إلى الملك" من (ف).
(٤) رواه مسلم (٣٠٠٥).
(٥) "الفترة" ليس في (أ).