للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتقديره على الوجه الأظهر: ما كُلُّ نفسٍ إلَّا عليها حافظ.

قيل: هو كاتبُ عملِه، كما قال (١): {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} [الانفطار: ١٠].

وقيل: {حَافِظٌ} يحفظُ عملَها ورزقَها وأجلَها، فإذا استوفى الإنسانُ ذلك كلَّه (٢) قبضَه، وهو كقوله: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} [مريم: ٨٤].

وقيل: حافظ يحفظها عن الآفات، كما قال: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: ١١]؛ أي: بأمر اللَّه. وقد شرحناه في تلك الآية.

وقيل: {حَافِظٌ} اللَّه تعالى، وهذا كلُّه بيانُ أنَّ ما خلقَه اللَّهُ ليهملَه، بل هو متعبَّد بما كلَّفه.

* * *

(٥ - ٧) - {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}.

قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}: أي: فليتدبَّرْ بعقلِه، ولينظر بقلبِه هذا الإنسان المكذِّب بالبعث {مِمَّ خُلِقَ}؛ أي: مماذا خُلِقَ (٣)؟

{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}: أي: مَنِيٍّ خارجٍ بسرعةٍ.

والاندفاقُ: السَّير بسرعة (٤)، وأصله: الانصباب، والدَّفْق: الصَّبُّ.

وقال الأخفش وأبو معاذ وجماعة: {دَافِقٍ}؛ أي: مدفوق؛ أي: مصبوب.

وقال جماعة (٥): أي: ذو دَفْق.


(١) في (ر): "وتقديره" بدل: "كما قال".
(٢) في (ر) و (ف): "كل ذلك".
(٣) "خلق" من (ف).
(٤) في (أ) و (ف): "في السير السرعة".
(٥) في (ف): "مجاهد".