للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإنسان أنَّه لا يقدر عليه أحدٌ، {أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} الذي أنت فيه يا محمَّد، وهو مكَّة.

{وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}: قال مجاهد: أي: لا تؤاخذ بما عملْتَ فيه، وليس عليك فيه ما على النَّاس، ولعلَّه إشارةٌ إلى ما قاله النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإنَّما أُحِلَّتْ لي ساعةً مِن نهارٍ" (١).

وقال شُرَحْبِيلُ بن سعد: أي: ومع حرمة هذا البلد، ومع أنَّ أهلَها لا يستحلُّون فيه شيئًا، يستحلُّون قتلَكَ وإخراجَكَ عنها وأنت حِلٌّ عندهم فيه (٢).

وقيل: {وَأَنْتَ حِلٌّ}؛ أي: حالٌّ نازلٌ فيه، يعني: حرمتُه بسببِ حلولِكَ فيه.

وقال ابن عبَّاس: أي: تَقتل بمكَّة مَن شئْتَ من الكفَّار (٣).

وقال مقاتل: فقتل يوم فتح مكَّة عبد اللَّه بن أسد بن خَطَل ومِقْيَس بن صبَابةَ وغيرهما (٤).

وقال الضحَّاك: يعني: إن شئْتَ فاقتلْ وإنْ شئْتَ فأمسك (٥).

وقال ابن كيسان: أحلَّ اللَّهُ له فيها ما احتاج إليه من صيدها وشجرها.


(١) رواه البخاري (١٣٤٩)، ومسلم (١٣٥٣)، من حديث عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) رواه سعيد بن منصور وابن المنذر كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٥١٨). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٠٧).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٠٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤٣٢)، ولفظ الطبري: ({وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} يعني بذلك: نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أحل اللَّه له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، ويحيي من شاء، فقتل يومئذ ابن خطل صبرا وهو آخذ بأستار الكعبة. . .).
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٧٠١)، وليس فيه قوله: "عبد اللَّه بن أسد بن خطل"، وتقدم ذكر قتل ابن خطل في خبر ابن عباس السابق. وقد اختلف في اسمه، انظر: "نسب قريش" للزبيري (ص: ٤٣٩)، و"أنساب الأشراف" للبلاذري (١/ ٣٥٩)، و"اللباب في تهذيب الأسماء" لابن الأثير (١/ ٣٧).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٠٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤٣٢).