للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}: أي: ومَن خلق الذَّكر والأنثى، أقسم بنفسه جلَّ جلالُه.

{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}: القسم على هذا؛ أي: مختلِفٌ متباعِد بعضُه من بعضٍ، لا يستوي سعيُ المؤمن وسعي الكافر، وسعيُ المطيع وسعي العاصي.

وحكى ابن الأنباريِّ عن بعض النَّحويين: أنَّ (شتى) جمع شتيت، كالمرضى جمع مريض (١).

وقال الإمام القشيريُّ: فواحدٌ سعيُه في طلب دنياه، وآخرُ سعيه في شهوة نفسه واتِّباعِ هواه، وآخر في طلب جاهه ومُناه، وآخرُ سعيُه في قيامه بحسن رضاه، وآخرُ في طلب عُقباه، وآخرُ في تصحيح تقواه، وآخرُ في تصفية ذكراه، وآخرُ في قيامه بحسن رضاه، وآخرُ في طلب مولاه، ومنهم من يجمع بين سعي النَّفس بالطَّاعة، وسعي القلب بالإخلاص، وسعي البدن بالقُرَب، وسعي اللِّسان بالذِّكر، ومنهم مَن سعيه في هلاك نفسه، وما فيه خرابُ دينه (٢).

* * *

(٥ - ٦) - {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}.

وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}: وهذا بيان اختلاف سعي الفريقين.

والسُّورة نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق رضى اللَّه عنه وفي أميَّة بن خلف، وعطاءِ ذلك وبخلِ هذا، ووعدِ ذاك ووعيدِ هذا.

ثم معانيها شاملة لكلِّ النَّاس، وكذا في كلِّ آيةٍ نزلَتْ في قومٍ فعمومُها يشمل الكلَّ.


(١) انظر: "شرح القصائد السبع الطوال" لابن الأنباري (ص: ٦٠).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٧٣٥ - ٧٣٦).