للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال محمَّد بن إسحاق: نشأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واللَّهُ يكلؤه ويحفظه من أقذار الجاهليَّة ومعايبها؛ لِمَا يريد اللَّه تعالى من كرامته، حتى ما كان اسمُه في قومه إلَّا الأمين؛ لِمَا جمعَ اللَّهُ فيه من الأمور الصَّالحة (١).

وروى هو (٢) عن عليٍّ رضي اللَّه عنه، عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "ما همَمْتُ بشيءٍ ممَّا كان أهل الجاهليَّة يفعلونه (٣) غير مرَّتين، كلُّ ذلك يحُول اللَّه بيني وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممْتُ بعدَهما بسوء حتَّى أكرمني اللَّه تعالى برسالته، وإنِّي قد قلْتُ ليلةً لغلامٍ من قريش كان يرعى معي بأعلى مكَّة: لو أنَّك أبصرْتَ لي غنمي حتَّى أدخل مكَّة فأَسْمُرَ بها كما يَسمر الشُّبَّان، فقال: أفعل، فخرجْتُ أريد ذلك، حتَّى جئْتُ أوَّل دارٍ من دور مكَّة، فسمعْتُ عزفًا بالدُّفوف والمزامير، فقلْتُ: ما هذا؟ فقالوا: فلان بن فلان تزوَّج بفلانة، فجلسْتُ انظر إليهم، ثم ضرب اللَّهُ على أذني فنمْتُ، فما أيقظني إلَّا مَسُّ الشَّمس، وليلة أخرى كذلك، ثم ما هممْتُ بعدهما بسوء" (٤).

وقال سعيد بن المسيِّب: إنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج مع عمِّه أبي طالب في قافلة مَيْسَرة غلام خديجة، فبينما هو راكبٌ ذاتَ ليلة ظلماءَ (٥) ناقته، وهو نائم، فجاء إبليس فأخذ بزمام النَّاقة، فعدل به عن الطَّريق، فجاء جبريلُ فنفخَ إبليسَ


(١) انظر: "سيرة ابن إسحاق" (ص: ٧٨)، و"سيرة ابن هشام" (١/ ١٨٣).
(٢) في (أ): "وروي" بدل: "وروى هو".
(٣) في (أ) و (ف): "يعملون به".
(٤) رواه ابن إسحاق في "سيرته" (ص: ٧٩ - ٨٠)، ومن طريقه الفاكهي في "أخبار مكة" (١٧٢١)، والبزار في "مسنده" (٦٤٠)، وابن حبان في "صحيحه" (٦٢٧٢)، والحاكم في "المستدرك" (٧٦١٩)، وصححه.
(٥) بعدها في (ر) و (ف): "وهو على".