للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويقال: فتَحناه، ويقال: نوَّرْناه.

وقال الكلبي: أتاه جبريل عليه السلام فشقَّ بطنه وأبدى عن قلبه، ثم جاء بدلوٍ من ماء زمزمَ فغسله وأنقاه مما فيه، ثم جاء بطستٍ من ذهب قد مُلئ علمًا وإيمانًا فوضعه فيه.

يُذكر هذا حين جاء جبريل بالبراق ليلة المعراج (١)، ويذكر حين كان عند حليمةَ في السنةِ التي أعاده اللَّه تعالى فيها إلى عبد المطلب (٢).

وقيل: أي: وسَّعنا لك صدرك لتحملَ أثقال النبوة، فقد كان محتاجًا إلى تبليغ الوحي إلى الجن والإنس، وإلى مُناصبةِ كلِّ أهل الأرض، وفيه ما يَضيقُ به الصدر، فشرح صدره حتى اعتنق ذلك كلَّه على سهولة.

* * *

(٢ - ٤) - {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}.

وقوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ}: وهو قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢]، وهو زلةٌ لا نعرفها نحن بعينها، وهي تركُ الأفضل مع إتيان الفاضل، والأنبياء يعاتَبون بمثلها لعلوِّ مقامهم.

{الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}: أي: أثقله حتى جعله نِقْضًا -بالكسر-؛ أي: مهزولًا.

وقيل: حتى سُمع نقيضُه؛ أي: صوتُ مفاصله، وزلَّاتُ الأنبياء لا تكون بهذه


(١) قصة شق بطنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة المعراج مروية في الصحيحين من حديث أنس عند البخاري (٧٥١٧)، ومسلم (١٦٢/ ٢٦٢). ومن حديث أنسٍ عن مالك بن صعصعة عند البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٤). ومن حديث أنس عن أبي ذر عند البخاري (٣٤٩)، ومسلم (١٦٣).
(٢) رواه مسلم (١٦٢/ ٢٦١) من حديث أنسٍ.