وقيل: لم يكونوا منتهينَ عن كفرهم؛ أي: كان لا يُطمع في إيمانهم بدون رسولٍ يأتيهم، فأتاهم رسول اللَّه، فمَن وفَّقه اللَّه تعالى للإيمان آمَن، ومَن خذله لم يؤمن ولزمتْه الحجة.
وقيل: لم يكونوا منفكِّين؛ أي: خارجين من الدنيا حتى تبيَّن لهم الحق.
وقوله تعالى:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}: ترجمةٌ عن البينة، وهو نكرة استُؤنفت على النعت، كقوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٥ - ١٦]، وتقديره: هو رسولٌ من اللَّه.
{يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً}: هي التي عند اللَّه في أم الكتاب الذي نُسخ منه ما أُنزل على الأنبياء من الكتب، وقد قال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١٣ - ١٦]، ومعنى المطهرة ما مر في تلك السورة.
{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}: أي: مستقيمة، وهي كتب الأنبياء، والقرآنُ مصدِّقٌ لها كلِّها فكأنها فيه، ولأن كلَّ نوع من البيان فيه كأنه كتابٌ، وكأن كلَّه كتب.