للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي عن أبي ذر رضي اللَّه عنه ذلك، فإنه قال لرجل: هل تعوَّذت باللَّه من شرِّ شياطين الإنس (١)؟ يشير إلى هذا.

وكذا قال قتادة: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}: من الجن شياطين ومن الإنس شياطين. وأَمَر بالتعوُّذ (٢) من شرِّ شياطين الإنس والجن (٣).

والثاني: أن معناه: أعوذ من شرِّ الوسواس الخناس الموسوِسِ في صدور الناس، ومن شرَّ الناس، فكان قوله: {وَالنَّاسِ} معطوفًا على قوله: {الْوَسْوَاسِ} لا على {الْجِنَّةِ}، والتعوُّذُ من الناس (٤) كالتعوُّذ من شرِّ ما خلق.

والثالث: وهو قول الفراء، ويؤيده حديث ابن عباس: أن قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} بيانُ قوله: {فِي صُدُورِ النَّاسِ}، وتقديره: في صدورِ الناس جنِّهم وإنسهم؛ أي: صدور (٥) الخلق، يعني: أن إبليس يوسوس ويُوْقع خواطرَ السوء في قلوب الجنِّ والإنس جميعًا.


(١) ذكره هكذا الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٨٢٤). وروي مرفوعًا: رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٤٩٩) عن أبي ذَرٍّ، أنَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا أبا ذَرٍّ، هل تَعَوَّذْتَ. . . " الحديث. وفي إسناده مبهم. ورواه الإمام أحمد في "المسند" (٢١٥٤٦)، والنسائي (٥٥٠٧)، وفي إسناده مجهول ومتروك. ورواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٠٠ - ٥٠١) عن قتادة بلغه عن أبي ذَرٍّ. . .، فذكره مرفوعًا مرسلًا. وذكر ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢] طرقًا للحديث وقال: ومجموعها يفيد قوته وصحته.
(٢) في (أ) و (ر): "بالمعوذتين". والمثبت من (ف)، وهو الموافق للرواية. انظر التعليق الآتي.
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٧٤٩) بلفظ: (إنَّ مِن الناس شياطين ومن الجنِّ شياطين، فتَعَوَّذْ بِاللَّه مِن شياطين الإنس والجنِّ).
(٤) في (ف): "الشيطان".
(٥) بعدها في (ر): "الناس".