للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتعلق به؟ واحتجنا إلى إضمار متعلّق به؛ ولم يجز أن نضمر «حرّم» ألا تشركوا به؛ لأن ذلك واجب غير محرّم؛ فيجب أن يضمر «ما أوصاكم» ألا تشركوا به شيئا، أو «أتل عليكم» ألا تشركوا. والإضمار الأول يشهد له آخر الآية فى قوله تعالى: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، والإضمار الثانى يشهد له أوّل الآية من قوله تعالى: أَتْلُ وما وصانا به فقد أمرنا به وندبنا إليه.

فإن قيل: فما موضع «أن» من الإعراب؟

قلنا: فى ذلك وجوه ثلاثة:

أحدها الرفع؛ ويكون التقدير: ذلك ألّا تشركوا به شيئا؛ فكأنه مبتدأ وخبر.

والثانى النّصب؛ إما على أوصى ألا تشركوا، أو على اتل ألّا تشركوا.

والثالث ألّا يكون لها موضع، ويكون المعنى: لا تشركوا به شيئا.

فأما موضع تُشْرِكُوا فيمكن فيه وجهان:

النصب ب «أن»؛ والثانى الجزم ب «لا» على جهة النهى.

فإن قيل كيف يعطف النهى فى قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ على الخبر وهو أوصى أَلَّا تُشْرِكُوا.

قلنا: ذلك جائز؛ مثل قوله تعالى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؛ [الأنعام: ١٤]؛ ومثله قول الشاعر:

حج وأوصى بسليمى الأعبدا ... ألّا ترى ولا تكلّم أحدا

* ولا يزل شرابها مبرّدا*

فعطف «لا تكلّم» - وهو نهى- على الخبر.

ويمكن فى الآية وجه غير مذكور فيها، والكلام يحتمله؛ وهو أن يكون الكلام قد انقطع عند قوله تعالى: أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ والوقف هاهنا، ثم ابتدأ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً.