للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٧٥

تأويل آية [شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ؛ [البقرة: ١٨٥].

فقال: كيف أخبر تعالى بأنه أنزل فيه القرآن، وقد أنزله فى غيره من الشهور على ما جاءت به الرواية؟ والظاهر يقتضي أنه أنزل الجميع فيه، وما المعنى فى قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ؟ وهل أراد الإقامة والحضور اللذين هما ضدّا (١) الغيبة، أو أراد المشاهدة والإدراك؟ .

الجواب، قلنا: أما قوله تعالى: أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ فقد قال قوم: المراد به أنه تعالى أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا فى شهر رمضان، ثم فرق إنزاله على نبيه صلى الله عليه وآله بحسب ما تدعو الحاجة إليه.

وقال آخرون: المراد بقوله أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أنه أنزل فى فرضه وإيجاب صومه على الخلق القرآن؛ فيكون فِيهِ بمعنى فى فرضه، كما يقول القائل: أنزل الله فى الزكاة كذا وكذا، يريد فى فرضها، وأنزل الله فى الخمر كذا وكذا يريد فى تحريمها.

وهذا الجواب إنما هرب متكلّفه من شيء، وظن أنه قد اعتصم بجوابه عنه، وهو بعد ثابت على ما كان عليه؛ لأن

قوله: الْقُرْآنُ إذا كان يقتضي ظاهره إنزال/ جميع القرآن فيجب على هذا الجواب أن يكون قد أنزل فى فرض الصيام جميع القرآن؛ ونحن نعلم أنّ قليلا من القرآن يتضمّن إيجاب صوم شهر رمضان، وأن أكثره خال من ذلك.

فإن قيل: المراد بذلك أنه أنزل فى فرضه شيئا من القرآن، وبعضا منه.


(١) حاشية الأصل: «نسخة ش: «ضد الغيبة».