للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[٥] مجلس آخر [المجلس الخامس: ]

تأويل آية: [كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ.]

إن سأل سائل فقال: ما تأويل قوله تبارك وتعالى مخبرا عن مهلك قوم فرعون وتوريثه نعمهم: كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ. فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ؛ [الدخان: ٢٨، ٢٩].

وكيف يجوز أن يضيف البكاء إليهما، وهو لا يجوز فى الحقيقة عليهما؟ .

الجواب، يقال له فى هذه الآية وجوه أربعة من التأويل:

أوّلها أنه تعالى أراد أهل السماء والأرض فحذف كما حذف فى قوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ؛ [يوسف: ٨٢]؛ وفى قوله تعالى حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها؛ [محمد: ٤] وأراد أهل القرية، وأصحاب الحرب، ويجرى ذلك مجرى قولهم: السخاء حاتم، يريدون: السخاء سخاء حاتم؛ قال الحطيئة (١):

وشرّ المنايا ميّت وسط أهله ... كهلك الفتى قد أسلم الحىّ حاضره (٢)

أراد شر المنايا ميتة (٣) ميّت؛ وقال الآخر:


(١) البيت فى طبقات الشعراء لابن سلام ص ٩٥؛ ضمن أبيات أربعة للحطيئة لم تذكر فى ديوانه.
وفى حاشيتى الأصل، ف: «قال السيد الإمام عليه السلام: طلبت هذا البيت فى شعر الحطيئة فلم أجده فيه».
(٢) فى حواشى الأصل، ت، ف: «قوله: «شر المنايا» تقديره شر المنايا موت ميت فيما بين عشيرته؛ كهلك هذا الفتى فى حال أن أسلم الحى حاضر هذا الفتى؛ أي أن حضاره أسلموا الحى، ولم ينصروه، ولم يمنعوا ذمارهم».
(٣) ف، ونسخة بحاشيتى الأصل، ت: «منية».