كيف يكون النبىّ عليه السلام فى شك مما أوحى إليه؟ وكيف يسأل عن صحة ما أنزل إليه الذين يقرءون الكتاب من قبله وهم اليهود والنصارى المكذّبون له؟
فقال: إن قوله تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ظاهر الخطاب له عليه السلام، والمعنى لغيره؛ كما قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ؛ [الطلاق: ١] فكأنه قال: فإن كنت أيّها السامع للقرآن فى شكّ ممّا أنزلناه على نبينا؛ فاسأل الذين يقرءون الكتاب.
وليس يمتنع عند من أنعم النظر أن يكون الخطاب متوجّها إلى النبىّ صلى الله عليه وآله، وليس إذا كان الشك لا يجوز عليه لم يحسن أن يقال له: إن شككت فافعل كذا، كما قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ؛ [الزمر: ٦٥]، ومعلوم أن الشرك لا يجوز عليه.
ولا خلاف بين العلماء فى أنّه عليه السلام داخل فى ظاهر آيات الوعيد والوعد، وإن كان لا يجوز أن يقع منه ما يستحق به من العقاب. وإن قيل له: إن أذنبت عوقبت؛ فهكذا لا يمتنع أن يقال له: إن شككت فافعل كذا وكذا؛ وإن كان ممن لا يشك.
ووجدت بعض المفسّرين يجعل (إن) هاهنا بمعنى «ما» التى للجحد، ويكون تقدير الكلام: ما كنت فى شك مما أنزلنا إليك، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؛ [إبراهيم: ١١]، أى ما نحن،
وقوله تعالى: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ؛ [فاطر: ٢٣]؛ أى ما أنت إلا نذير، ولا شك ولا شبهة فى أن لفظة إِنْ