للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٧١

تأويل آية [وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ. فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ؛ [البقرة: ٧٢، ٧٣].

فقال: كيف ذكر تعالى هذا بعد ذكره (١) البقرة والأمر بذبحها؟ وقد كان ينبغى أن يتقدّمه، لأنه إنما أمر بذبح البقرة لينكشف أمر القاتل، فكيف أخّر ذكر السبب عن المسبب، وبنى الكلام بناء يقتضي أنه كان بعده؟

ولم قال: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً، والرواية وردت بأن القاتل كان واحدا؟ وكيف يجوز أن يخاطب الجماعة بالقتل والقاتل بينها واحد! وإلى أىّ شيء وقعت الإشارة بقوله تعالى:

كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى؟ .

الجواب، قيل له: أما قوله تعالى؛ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً ففيه وجهان:

أولهما أن تكون هذه الآية- وإن أخّرت- فهى مقدّمة فى المعنى على الآية التى ذكرت فيها البقرة؛ ويكون التأويل: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها فسألتم موسى فقال: إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، فأخر المقدم وقدم المؤخر؛ ومثل هذا فى القرآن وكلام العرب كثير.

ومثله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً. قَيِّماً [الكهف: ١، ٢].


(١) حاشية الأصل (من نسخة): «بعد ذكر البقرة».