فقال: ما تنكرون أن يكون فى هذه الآية دلالة على إضافة الأفعال التى تظهر من العباد إليه تعالى، من وجهين: أحدهما أنه قال بعد ما تقدم من أفعالهم ومعاصيهم: وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ فأضافها إلى نفسه، والثانى أنه أضاف نجاتهم من آل فرعون إليه فقال: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ، ومعلوم أنهم هم الذين ساروا حتى نجوا؛ فيجب أن يكون ذلك السير من فعله على الحقيقة حتى تصح الإضافة.
الجواب، قلنا: أما قوله تعالى: وَفِي ذلِكُمْ فهو إشارة إلى ما تقدّم ذكره من إنجائه لهم من المكروه والعذاب: وقد قال قوم: إنه معطوف على ما تقدّم من قوله تعالى:
ولا شك فى أن تخليصه لهم من ضروب المكاره التى عددها الله نعمة عليهم وإحسان إليهم؛ والبلاء عند العرب قد يكون حسنا، ويكون شيئا، قال الله تعالى: وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً [الأنفال: ١٧]؛ ويقول الناس فى الرجل إذا أحسن القتال والثبات فى الحرب: قد أبلى فلان، ولفلان بلاء؛ والبلوى أيضا قد يستعمل فى الخير والشر؛ إلا أن
أكثر ما يستعملون البلاء الممدود فى الجميل والخير، والبلوى المقصور فى السوء