للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٥٩

تأويل آية [وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ، وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ، وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ؛ [البقرة: ٤٩].

فقال: ما تنكرون أن يكون فى هذه الآية دلالة على إضافة الأفعال التى تظهر من العباد إليه تعالى، من وجهين: أحدهما أنه قال بعد ما تقدم من أفعالهم ومعاصيهم: وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ فأضافها إلى نفسه، والثانى أنه أضاف نجاتهم من آل فرعون إليه فقال: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ، ومعلوم أنهم هم الذين ساروا حتى نجوا؛ فيجب أن يكون ذلك السير من فعله على الحقيقة حتى تصح الإضافة.

الجواب، قلنا: أما قوله تعالى: وَفِي ذلِكُمْ فهو إشارة إلى ما تقدّم ذكره من إنجائه لهم من المكروه والعذاب: وقد قال قوم: إنه معطوف على ما تقدّم من قوله تعالى:

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ؛ [البقرة: ٤٧]، والبلاء هاهنا الإحسان والنعمة.

ولا شك فى أن تخليصه لهم من ضروب المكاره التى عددها الله نعمة عليهم وإحسان إليهم؛ والبلاء عند العرب قد يكون حسنا، ويكون شيئا، قال الله تعالى: وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً [الأنفال: ١٧]؛ ويقول الناس فى الرجل إذا أحسن القتال والثبات فى الحرب: قد أبلى فلان، ولفلان بلاء؛ والبلوى أيضا قد يستعمل فى الخير والشر؛ إلا أن

أكثر ما يستعملون البلاء الممدود فى الجميل والخير، والبلوى المقصور فى السوء