سئل رضى الله عنه عن قوله عز وجل فى قصة زكريا عليه السلام: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ؛ [آل عمران: ٤٠].
فكأنه سأل أمرا يستحيل كونه، وقد علمنا لا محالة أن زكرياء يعلم أنّ الله تعالى لا يعجزه ما يريد، فما وجه الكلام؟
فأجاب عن ذلك وقال: إنّه غير ممتنع أن يكون زكرياء عليه السلام لم يسأل الذرية فى حال كبره وهرمه؛ بل قبل هذه الحال، فلما رزقه الله تعالى ولدا على الكبر، ومع كون امرأته عاقرا قال: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ من غير إنكار منه لقدرة الله تعالى على ذلك؛ بل ليرد من الجواب ما يزداد به بصيرة ويقينا.
ويجوز أيضا أن يكون سأل الولد مع الكبر وعقم امرأته، ليفعل الله تعالى ذلك على سبيل الآية له، وخرق العادة من أجله؛ فلما رزقه الله تعالى الولد عجب من ذلك، وأنكره بعض من تضعف بصيرته من أمّته، فقال عليه السلام: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ليرد من الجواب ما يزول به شكّ غيره؛ فكأنه سأل فى الحقيقة لغيره لا لنفسه؛ ويجرى ذلك مجرى سؤال موسى عليه السلام أن يريه الله تعالى نفسه لما شكّ قومه فى ذلك، فسأل لهم لا لنفسه.