للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٢ مجلس آخر [المجلس الثاني عشر: ]

قال: روى أنّ عمرو بن عبيد دخل على معاوية بن عمرو الغلابىّ وهو يجود بنفسه فقال له:

إنّ الله تعبّدك فى حال الصحة بالعمل بجوارحك وقلبك، ووضع عنك فى هذه الحال عمل الجوارح، ولم يكلفك إلا العمل بقلبك، فأعطه بقلبك ما يجب له عليك.

وروى أنّ قوما اجتمعوا إلى عمرو بن عبيد، فتذاكروا السّخاء فأكثروا فى وصفه، وعمرو ساكت، فسألوه عمّا عنده فقال: ما أصبتم صفته؛ إنّ السخىّ من جاد بماله تبرّعا، وكفّ عن أموال الناس تورّعا.

[عمرو بن عبيد وأبو جعفر المنصور: ]

وذكر إسحاق بن الفضل الهاشميّ قال: إنى لعلى باب المنصور يوما، وإلى جنبى عمارة (١) بن حمزة، إذ طلع عمرو بن عبيد على حمار، فنزل عن حماره، ثم دفع (٢) البساط برجله وجلس دونه، فالتفت إلى عمارة فقال: لا

تزال/ بصرتكم ترمينا منها بأحمق؛ فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد! قال:

فو الله ما دلّ على نفسه حتى أرشد إليه، فأتكأه (٣) يده، ثم قال له: أجب أمير المؤمنين جعلت فداك! فمرّ متوكّئا (٤) عليه؛ فالتفت إلى عمارة فقلت: إنّ الرجل الّذي استحمقت (٥)


(١) هو عمارة بن حمزة بن ميمون، من ولد عكرمة مولى عبد الله بن العباس؛ أحد الكتاب البلغاء، وكان سخيا جوادا، وله أخبار مأثورة فى الكرم والجود والتيه، قلده أبو العباس السفاح ضياع آل مروان، وقلده أبو جعفر المنصور ديوان خراج البصرة ونواحيها. (وانظر ترجمته وأخباره فى كتاب الوزراء والكتاب للجهشيارى: ٩٠، ١١٠، ١٢٥، ١٣٣، ١٤٧، وتاريخ بغداد ١٢: ٢٨٠ - ٢٨٠).
(٢) ش، وحاشية ت (من نسخة): «رفع».
(٣) حواشى الأصل، ت، ف: «أتكأه يده؛ كأنه جعله متكئا عليها، وأصل التاء فى هذه الكلمة بالواو؛ يقال: أوكأت فلانا إذا جعلت له متكئا».
(٤) من نسخة بحواشى الأصل، ت، ف: «متكئا».
(٥) ف، وحاشية ت (من نسخة): «استحمقته».