وقال: ما تنكرون أن تكون هذه الآية دالة على جواز الرؤية عليه عزّ وجلّ! لأنها لو لم تجز لم يجز أن يسألها موسى عليه السلام؛ كما لا يجوز أن يسأل اتخاذ الصاحبة والولد؛ ولو كانت أيضا الرؤية مستحيلة لم يعلّقها بأمر يصح أن يقع وهو استقرار الجبل. فإذا علمنا صحة استقرار الجبل فى موضعه فيجب أن تكون الرؤية أيضا صحيحة فى حكم ما علّقت به. وقوله تعالى:
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ يقتضي جواز الحجاب عليه تعالى؛ لأن التجلّى والظهور لا يكونان إلا بعد احتجاب واستتار.
الجواب، قلنا: أول ما نقوله إنه ليس فى مسألة الشيء دلالة على صحة وقوعه ولا جوازه؛ لأن السائل يسأل عن الصحيح والمحال، مع العلم وفقد العلم؛ لأغراض مختلفة؛ فلا دلالة فى ظاهر مسألة الرؤية على جوازها.
ولأصحابنا عن هذه المسألة أجوبة:
أوّلها وهو الأولى والأقوى- أن يكون موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية لنفسه؛ وإنما سألها لقومه، فقد روى أنهم طلبوا ذلك منه والتمسوه، فأجابهم بأنها لا تجوز عليه تبارك وتعالى؛ فلم يقنعوا بجوابه، وآثروا أن يرد الجواب من قبل ربه تعالى، فوعدهم ذلك، وغلب فى ظنه أن الجواب إذ ورد من جهته جلّ وعزّ كان أحسم للشبهة؛ وأبلغ فى دفعها عنهم، فاختار السبعين الذين حضروا الميقات؛ / ليكون سؤاله