للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/ فأنشده إياها، فلما بلغ إلى قوله:

تصغى إذا شدّها بالكور جانحة ... حتّى إذا ما استوى فى غرزها تثب

فقال له أبو عمرو بن العلاء: قول الراعى أحسن مما قلت

تراها إذا قام فى غرزها ... كمثل السّفينة أو أوقر

ولا تعجل المرء عند الورو ... ك وهى بركبته أبصر (١)

فقال ذو الرّمة: إنّ الراعى وصف ناقة ملك، وأنا وصفت ناقة سوقة.

وحكى الصّولىّ أنه سمع أعرابيا ينشد بيته الّذي حكيناه، فقال: سقط والله الرجل.

فأما الغرز فهو للناقة مثل الرّكاب للدابة، وهو نسع مضفور. وقوله: «تصغى» يريد تميل رأسها، كأنها تسمع، لأنها ليست بنفور، بل مؤدّبة مقوّمة. والكور: الرحل.

وقد أخذ هذا المعنى أبو نواس فأحسن نهاية الإحسان، فقال يصف الناقة فى مدحه الخصيب بن عبد الحميد:

فكأنّها مصغ لتسمعه ... بعض الحديث، بأذنه وقر

فلم يرض بأن وصفها بالإصغاء حتى وصفها بالوقر، وهو الثّقل فى الأذن، لأن الثّقيل السمع يكون إصغاؤه وميله إلى جهة الحديث أشدّ وأكدّ (٢).

*** [قصيدة لأبى نواس وشرح ما ورد فيها من الغريب: ]

قال سيدنا الشريف أدام الله علوّه: وإنى لأستحسن القصيدة التى من جملتها البيت الّذي أوردناه لأبى نواس؛ لأنها دون العشرين بيتا، وقد نسب فى أولها، ثم وصف النّاقة بأحسن وصف، ثم مدح الرجل الّذي قصد مدحه واقتضاه حاجته؛ كلّ ذلك بطبع يتدفّق، ورونق يترقرق، وسهولة مع جزالة؛ والقصيدة (٣):


(١) البيتان فى اللآلئ: ٨٩٨. الوروك: أن يثنى الرجل إحدى وركيه لينزل من فوق السرج، والبيت الثانى فى اللسان (ورك)، وفى ت: «الركوب»، ومن نسخة بحاشيتى الأصل، ت: «النزول».
(٢) من نسخة بحاشية ت: «وأوكد».
(٣) ديوانه: ١٠١.