للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنت لم يرض لك ربّك تعالى إذ خلق لك خمس حواس حتى جعل لها إماما ترجع إليه؛ أترضى (١) لهذا الخلق الذين (٢) جشأ بهم العالم ألّا يجعل لهم إماما يرجعون إليه؟ فقال له عمرو:

ارتفع حتى ننظر فى مسألتك، وعرفه؛ ثم دار هشام فى حلق البصرة فما أمسى حتى اختلفوا.

[عمرو بن عبيد وسليمان بن على: ]

وروى أبو عبيدة قال: دخل عمرو بن عبيد على سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس بالبصرة فقال له سليمان: أخبرنى عن صاحبك- يعنى الحسن- حين يزعم أن عليا عليه السلام قال: «إنى وددت أنى كنت آكل الحشف بالمدينة ولم أشهد مشهدى هذا» يعنى:

يوم صفّين، فقال له عمرو بن عبيد: لم يقل هذا؛ لأنه ظنّ أن أمير المؤمنين عليه السلام شك، ولكنه يقول: ودّ أنه كان يأكل الحشف بالمدينة، ولم تكن هذه الفتنة؛ فقال: فقوله فى عبد الله بن العباس: «يفتينا فى القملة والقميلة، وطار بأموالنا فى ليلة»؟ فقال له: وكيف يقول هذا، وابن عباس رحمة الله عليهما لم يفارق عليا حتى قتل وشهد صلح الحسن؟ وأىّ مال يجتمع فى بيت المال بالبصرة مع حاجة عليّ عليه السلام إلى الأموال/ وهو يفرّغ بيت مال الكوفة فى كل خميس ويرشّه؟ قالوا: إنه كان يقيل فيه، فكيف يترك المال يجتمع بالبصرة؟

وهذا باطل.

[كلام عمرو بن عبيد على القدر: ]

قال الجاحظ: نازع رجل عمرو بن عبيد فى القدر فقال له عمرو: إن الله تعالى قال فى كتابه ما يزيل الشّكّ عن قلوب المؤمنين فى القضاء والقدر قال تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ؛ [الحجر: ٩٢ - ٩٣]، ولم يقل: لنسألنهم عما قضيت عليهم أو قدرته فيهم، أو أردته منهم، أو شئته لهم؛ وليس بعد هذا الأمر إلّا الإقرار بالعدل أو السكوت عن الجور الّذي لا يجوز على الله تعالى.


(١) ت: «فكيف يرضى ... ».
(٢) ت: «والّذي».