للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمل يونس بن أبى فروة كتابا فى مثالب العرب وعيوب الإسلام بزعمه، وصار به إلى ملك الروم، فأخذ منه مالا. وقال أحمد بن يحيى النحوىّ قال رجل يهجو حمّاد الراوية:

نعم الفتى لو كان يعرف ربّه ... ويقيم وقت صلاته حمّاد

بسطت مشافره الشّمول فأنفه ... مثل القدوم يسنّها الحدّاد

وابيضّ من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد

لا يعجبنّك بزّه ولسانه ... إنّ المجوس يرى لها أسباد (١)

وكان حمّاد مشهورا بالكذب فى الرواية وعمل الشعر، وإضافته إلى الشعراء المتقدمين ودسّه فى أشعارهم؛ حتى إن كثيرا من الرواة قالوا: قد أفسد حمّاد الشعر، لأنه كان رجلا يقدر على صنعته فيدس فى شعر كل رجل منهم (٢) ما يشاكل طريقته، فاختلط لذلك الصحيح بالسقيم؛ وهذا الفعل منه، وإن لم يكن دالّا على الإلحاد فهو فسق وتهاون بالكذب فى الرواية (٣).

*** [أخبار حمّاد بن الزّبرقان]

وأما حمّاد بن الزّبرقان فهذه طريقته فى التخرّم (٤) والتهتك؛ أخبرنا أبو الحسن عليّ


- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فغلط، فلما سلم، فقال أبو نواس:
أكثر يحيى غلطا ... فى «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»
فقال والبة:
قام طويلا ساكتا ... حتّى إذا أعيا سجد
فقال على بن الخليل:
يزحر فى محرابه ... زحير حبلى للولد
فقال الحسين بن الخليع:
كأنّما لسانه ... شدّ بحبل من مسد.
(١) حاشية الأصل: «جمع سبد؛ وهو المال، وهاهنا كناية عن الثياب واللباس».
(٢) ساقطة من م.
(٣) توفى حماد الراوية سنة ١٥٥. (وانظر ترجمته فى ابن خلكان ١: ١٦٤ - ١٦٥).
(٤) حاشية ت (من نسخة): «الفجور»، وفى حواشى الأصل، ت، ف: «التخرم:
التهتك، وهو أيضا التدين بدين الخرمية؛ وهم أهل التناسخ».