إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ؛ [البقرة: ٣٦]:
فقال: كيف خاطب آدم وحواء عليهما السلام بخطاب الجمع وهما اثنان؟ وكيف نسب بينهما العداوة؟ وأىّ عداوة كانت بينهما؟
الجواب، قلنا قد ذكر فى هذه الآية وجوه:
أولها أن يكون الخطاب متوجّها إلى آدم وحواء وذرّيتهما، لأن الوالدين يدلان على الذرّية ويتعلق بهما؛ ويقوّى ذلك قوله تعالى حاكيا عن إبراهيم وإسماعيل: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا؛ [البقرة: ١٢٨].
وثانيها أن يكون الخطاب لآدم وحواء عليهما السلام ولإبليس اللعين؛ وأن يكون الجميع مشتركين فى الأمر بالهبوط؛ وليس لأحد أن يستبعد هذا الجواب من حيث لم يتقدم لإبليس ذكر فى قوله تعالى: وَيا آدَمُ اسْكُنْ/ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ؛ [البقرة: ٣٥] لأنه وإن لم يخاطب بذلك فقد جرى ذكره فى قوله تعالى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ، [البقرة: ٣٦]؛ فجائز أن يعود الخطاب على الجميع.
وثالثها أن يكون الخطاب متوجها إلى آدم وحواء والحية التى كانت معهما، على ما روى عن كثير من المفسرين؛ وفى هذا الوجه بعد من قبل أن خطاب من لا يفهم الخطاب لا يحسن؛ فلا بد من أن يكون قبيحا؛ اللهم إلا أن يقال: إنه لم يكن هناك قول فى الحقيقة ولا خطاب؛