للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لا حاجة لى فيها، قال المنصور والله لتأخذنّها، قال: والله لا أخذتها، فقال له المهدى:

يحلف أمير المؤمنين وتحلف! فترك المهدىّ وأقبل على المنصور وقال: من هذا الفتى؟ فقال:

هذا ابنى محمد، وهو المهدىّ وهو ولى العهد، فقال: [والله لقد سميته أسماء ما استحقها بعمل] (١)، وألبسته لبوسا ما هو من لبوس الأبرار/ ولقد مهّدت له أمرا أمتع ما يكون به أشغل (٢) ما تكون عنه! ثم التفت إلى المهدىّ فقال: نعم يا ابن أخى، إذا حلف أبوك حلف عمّك؛ لأن أباك أقدر على الكفّارة من عمك؛ قال المنصور: يا أبا عثمان، هل من حاجة؟

قال: نعم، قال ما هى؟ قال: ألا تبعث إلى حتى آتيك؛ قال: إذا (٣) لا نلتقى، قال: عن حاجتى سألتنى، ثم ودّعه ونهض؛ فلما ولى أتبعه بصره وأنشأ يقول:

كلّكم طالب صيد ... كلّكم ماش رويد (٤)

غير عمرو بن عبيد

[عمرو بن عبيد وهشام بن الحكم: ]

وروى أن هشام بن الحكم قدم البصرة فأتى حلقة عمرو بن عبيد فجلس فيها وعمرو لا يعرفه، فقال لعمرو: أليس قد جعل الله لك عينين؟ قال: بلى، قال: ولم؟ قال: لأنظر بهما فى ملكوت السموات والأرض فأعتبر، قال: وجعل لك فما؟ قال: نعم، قال: ولم؟

قال: لأذوق الطعوم (٥)، وأجيب الداعى؛ ثم عدّد عليه الحواس كلها، ثم قال: وجعل لك قلبا؟ قال: نعم: قال: ولم؟ قال: لتؤدى إليه الحواسّ ما أدركته، فيميز بينها، قال:


(١) ت: «والله لقد سميته اسما ما استحقه بعمل».
(٢) فى حاشيتى الأصل، ت: «قوله: «أمتع» مبتدأ، و «أشغل» نصب على الحال؛ وهو ساد مسد خبر المبتدأ كقولك: أخطب ما يكون الأمير قائما».
(٣) فى حاشيتى الأصل، ت: «إذا انتصب «إذا» لم يكن الفعل الّذي بعدها معتمدا على ما قبلها؛ يقول لك القائل: أنا أكرمك؛ فنقول: إذا أحبك؛
فإن قلت: أنا إذا أحبك رفعت؛ لاعتماده على الابتداء الّذي هو أنا؛ وكذلك: إن تكرمنى [بالجزم] إذا أكرمك، وإذا وقعت على فعل الحال ألغيت أيضا؛ تقول لمن يتحدث بحديث: إذا أظنك كاذبا؛ فنخبر عن حال الظن».
(٤) ت، وحاشية الأصل (من نسخة): «يمشى رويد».
(٥) حاشية ت (من نسخة): «المطعوم».