للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣٣ مجلس آخر [المجلس الثالث والثلاثون: ]

تأويل آية [: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ... ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا، وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ؛ [آل عمران: ٧].

الجواب، قلنا: ذكر فى هذه الآية وجهان مطابقان للحقّ:

أحدهما أن يكون الراسخون فى العلم معطوفين على اسم الله تعالى؛ فكأنه قال: وما يعلم تأويله إلا الله وإلّا

الراسخون فى العلم، وإنهم مع علمهم به يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ؛ فوقع قوله:

يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ فى موقع الحال؛ والمعنى أنهم يعلمونه قائلين: آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وهذا غاية المدحة لهم؛ لأنهم إذا علموا ذلك بقلوبهم، وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ووصفهم بأداء الواجب عليهم.

والحجة- لمن ذهب إلى ما بيّناه، والردّ على من استبعد عطفه على الأول وتقديره أن يكون قوله: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ على هذا التأويل لا ابتداء له، - قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى؛ إلى قوله: شَدِيدُ الْعِقابِ؛ [الحشر: ٧]، فذكر جملة، ثم تلاها بالتفصيل، وتسمية من يستحق هذا الفيء فقال:

لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، إلى قوله: الصَّادِقُونَ؛ [الحشر: ٨]. وقال فى الذين تبوء والدار والإيمان- وهم الأنصار: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ؛ [الحشر: ٩]. وقال فيمن جاء بعدهم: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا