الجواب، قلنا: ذكر فى هذه الآية وجهان مطابقان للحقّ:
أحدهما أن يكون الراسخون فى العلم معطوفين على اسم الله تعالى؛ فكأنه قال: وما يعلم تأويله إلا الله وإلّا
الراسخون فى العلم، وإنهم مع علمهم به يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ؛ فوقع قوله:
يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ فى موقع الحال؛ والمعنى أنهم يعلمونه قائلين: آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وهذا غاية المدحة لهم؛ لأنهم إذا علموا ذلك بقلوبهم، وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ووصفهم بأداء الواجب عليهم.
والحجة- لمن ذهب إلى ما بيّناه، والردّ على من استبعد عطفه على الأول وتقديره أن يكون قوله: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ على هذا التأويل لا ابتداء له، - قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى؛ إلى قوله: شَدِيدُ الْعِقابِ؛ [الحشر: ٧]، فذكر جملة، ثم تلاها بالتفصيل، وتسمية من يستحق هذا الفيء فقال:
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، إلى قوله: الصَّادِقُونَ؛ [الحشر: ٨]. وقال فى الذين تبوء والدار والإيمان- وهم الأنصار: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا، وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ؛ [الحشر: ٩]. وقال فيمن جاء بعدهم: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا