للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة]

وسئل أيضا فقيل: أليس قد وعد الله تعالى المؤمنين فى عدّة مواضع من كتابه المجيد بالجنّة والخلود فى النعيم،

فما معنى قول النبىّ عليه السلام: ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [الأحقاف: ٩].

فقال: إنه لا يجوز أن يريد النبىّ عليه السلام بقوله: ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ الثواب أو العقاب ودخول الجنة أو النار؛ لأنه عليه السلام عالم بأنّ الجنّة مأواه، والثواب عاقبته، ولا يجوز أن يشكّ فى أنه ليس من أهل النار؛ وإن شك فى ذلك من حال غيره، والمراد بالآية: إنّى لا أدرى ما يفعل بى ولا بكم؛ من المنافع والمضارّ الدنيوية؛ كالصحة والمرض والغنى والفقر والخصب والجدب؛ وهذا المعنى صحيح واضح لا شبهة فيه.

ويجوز أيضا أن يريد أننى لا أدرى ما يحدثه الله تعالى من العبادات، ويأمرنى به وإياكم من الشرعيات، وما ينسخ من الشرائع وما يقرّ منها ويستدام؛ لأن ذلك كلّه مغيّب عنه عليه السلام؛ وهذا يليق بقوله تعالى فى أول الآية: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ؛ وفى آخرها: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ.