للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلس آخر ٥٧

تأويل آية [فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ

إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ

؛ [هود: ١٠٦ - ١٠٨].

فقال: ما معنى الاستثناء هاهنا والمراد الدوام والتأييد؟ ثم ما معنى التمثيل بمدّة السموات والأرض التى تفنى وتنقطع؟

الجواب، / قلنا: قد ذكر فى هذه الآية وجوه:

أولها أن تكون إِلَّا- وإن كان ظاهرها الاستثناء- فالمراد بها الزيادة؛ فكأنه تعالى قال: خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ من الزيادة لهم على هذا المقدار؛ كما يقول الرجل لغيره: لى عليك ألف دينار إلا الألفين الذين أقرضتكهما وقت كذا وكذا، فالألفان زيادة على الألف بغير شكّ؛ لأن الكثير لا يستثنى من القليل؛ وهذا الجواب يختاره الفرّاء وغيره من المفسرين.

والوجه الثانى أن يكون المعنى: إلّا ما شاء ربّك من كونهم قبل دخول الجنة والنار فى الدنيا؛ وفى البرزخ الّذي هو ما بين الحياة والموت وأحوال المحاسبة والعرض وغير ذلك؛ لأنه تعالى لو قال: خالدين فيها أبدا، ولم يستثن لتوهّم متوهّم أنهم يكونون فى الجنة والنار من لدن نزول الآية، أو من بعد انقطاع التكليف، فصار للاستثناء وجه، وفائدة معقولة.