للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفسق، وراجع طريقة الدين، على أنه لم يكن فى خلال (١) فسقه منسلخا من الدّين جملة، ولا مهملا لأمره أصلا.

[خبر تنسّكه فى آخر عمره وما قاله من شعر فى ذلك]

ومما يشهد لذلك ما أخبرنا به عليّ بن محمد الكاتب عن أبى بكر محمد بن يحيى الصولىّ عن أبى حفص الفلّاس

عن عبد الله بن سوّار/ عن معاوية بن عبد الكريم عن أبيه قال:

دخلت على الفرزدق، فجعلت أحادثه، فسمعت صوت حديد يتقعقع، فتأملت الأمر، فإذا هو مقيّد الرّجل (٢)، فسألته عن السبب فى ذلك، فقال: إنى آليت على نفسى ألّا أنزع القيد من رجلى، حتى أحفظ القرآن.

وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانيّ قال أخبرنى أبو ذرّ القراطيسىّ قال حدثنا ابن أبى الدّنيا قال حدّثني الرّياشىّ عن الأصمعىّ عن سلام بن مسكين قال: قيل للفرزدق؛ علام تقذف المحصنات؟ فقال: والله، لله أحبّ إلى من عينىّ هاتين، أفتراه يعذّبنى بعدها (٣)! .

وروى أنّه تعلّق بأستار الكعبة، وعاهد الله على ترك الهجاء والقذف اللّذين كان ارتكبهما، وقال:

ألم ترنى عاهدت ربّى وإنّنى ... لبين وتاج قائما ومقام (٤)


(١) حاشية ت (من نسخة): «حال».
(٢) حاشية ت (من نسخة): «الرجلين».
(٣) حاشية ف: «ذكر المبرد فى كتابه قال: دخل لبطة بن الفرزدق على أبيه وهو محبوس فى سجن مالك بن المنذر بن الجارود؛ ومالك عامل على البصرة لخالد بن عبد الله القسرى؛ فقال له: يا أبت؛ هذا عمر بن يزيد الأزدى ضرب آنفا ألف سوط ومات، فشد على حمار، فقال الفرزدق: كأنك والله بمثل هذا الحديث قد تحدثت به عن أبيك- والحسن إذ ذاك محبوس عنده- فقال له: يا أبا فراس، فما عندك إن كان ذلك؟ فقال: والله يا أبا سعيد، لله أحب إلى من سمعى وبصرى، ومن مالى وولدى، ومن أهلى وعشيرتى؛ أفتراه يخذلني! فقال الحسن: كلا والله يا أبا فراس».
وانظر الخبر فى (الكامل- بشرح المرصفى ٢: ٧٦ - ٧٧).
(٤) فى حاشيتى الأصل، ف: «الرتاج: الباب المغلق، والباب العظيم أيضا قائما، حال بما يدل عليه لبين» وفى ت، د: «قائم».