للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٧ مجلس آخر [المجلس السابع والعشرون: ]

تأويل آية [: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ... ]

إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ؛ [التوبة: ٣٠].

فقال: أىّ معنى لقوله: بِأَفْواهِهِمْ ومعلوم أنّ القول لا يكون إلا بالأفواه؟ .

الجواب، قلنا: المقول يحتمل معنيين فى لغة العرب: أحدهما القول باللّسان، والآخر بالقلب، فالقول الّذي يضاف إلى القلب هو الظّنّ والاعتقاد، ولهذا المعنى ذهبت العرب بالقول مذهب الظّن/ فقالوا: أتقول عبد الله خارجا؟ ومتى تقول محمدا منطلقا؟ يريدون: متى تظن؟

قال الشاعر:

أما الرّحيل فدون بعد غد ... فمتى تقول الدّار تجمعنا! (١)

أراد: فمتى تظن الدار! وقال الآخر:

أجهّالا تقول بنى لؤىّ ... لعمر أبيك أم متجاهلينا! (٢)

أراد: تظن بنى لؤىّ، وقال توبة بن الحميّر:

ألا يا صفىّ النّفس كيف تقولها ... لو أنّ طريدا خائفا يستجيرها (٣)


(١) البيت لعمر بن أبى ربيعة، ديوانه: ٣٩٤.
(٢) البيت للكميت بن زيد الأسدى؛ وهو من (شواهد ابن عقيل على الألفية ١: ٣٩٧)، وفى حاشية الأصل: «لا يجوز أن تنصب جهالا بتقول إذا جعلته على معنى القول، لأن القول لا يتعدى إلى ما كان مما لا يندرج تحت السمع، والجهال جثت، فلا يتأنى ذلك فيها، فلا بد أن يكون قال بمعنى ظن، ولهذا يصح أن تقول: سمعت زيدا يقرأ ويقول ويتكلم ويشعر، ولا تقول: سمعت زيدا يضرب؛ لأن السمع يقع على ما يسمع».
(٣) البيتان من قصيدة طويلة؛ ذكرت بتمامها فى تزيين الأسواق ٩٦ - ٩٨.