للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قالوا: فلعلّ المراد بالسمع كونهم سامعين؛ كأنه تعالى نفى عنهم استطاعة أن يسمعوا.

قلنا: هذا خلاف الظاهر؛ ولو ثبت أن المراد ذلك لحملنا نفى الاستطاعة هاهنا على ما تقدم ذكره من الاستثقال وشدة المشقة، كما يقول القائل: فلان لا يستطيع أن يرانى، ولا يقدر أن يكلّمنى؛ وما أشبه ذلك، وهذا بيّن لمن تأمله.

تأويل خبر [يسار عن معاوية بن الحكم]

إن سأل سائل فقال: ما تأويل ما رواه يسار عن معاوية بن الحكم قال: قلت يا رسول الله، كانت لى جارية كانت ترعى غنما لى، قبل أحد، فذهب الذئب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بنى آدم آسف، كما يأسفون، لكنّنى (١) غضبت

فصككتها صكّة، قال: فعظم ذلك على النبي صلى الله عليه وآله، قال، قلت: يا رسول الله؛ أفلا أعتقها؟ قال: «ائتنى بها»، فأتيته بها فقال لها: «أين الله؟ » فقالت: فى السماء، قال: «من أنا»؟ قالت: أنت رسول الله، فقال عليه السلام: / «أعتقها (٢) فإنها مؤمنة».

الجواب، أما قوله: «أنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون» فمعناه أغضب كما يغضبون، قال محمد بن حبيب: الأسف: الغضب، وأنشد للراعى:

فما لحقتنى العيس حتّى وجدتنى ... أسيفا على حاديهم المتجرّد

والأسف أيضا الحزن؛ قال ابن الأعرابىّ: الأسف: الحزن، والأسف: الغضب، قال كعب بن زهير:


(١) د، ومن نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «لكننى».
(٢) من نسخة بحاشيتى الأصل، ف: «فأعتقها».